السبت، سبتمبر 10، 2011

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ



جاء في البداية والنهاية في ترجمة الإمام القاضي منذر البلوطي" قاضي قضاة الأندلس  :
"انه دخل يوما على الناصر لدين الله عبد الرحمن الأموي
وقد فرغ من بناء المدينة الزهراء وقصورها، وقد بنى له فيها قصر عظيم منيف، وقد زخرف بأنواع الدهانات وكسي الستور، وجلس عنده رؤؤس دولته وأمراؤه، فجاءه القاضي فجلس إلى جانبه
وجعل الحاضرون يثنون على ذلك البناء ويمدحونه،
 والقاضي ساكت لا يتكلم، فالتفت إليه الملك
وقال: ما تقول أنت يا أبا الحكم ؟
 فبكى القاضي وانحدرت دموعه على لحيته .
وقال: "ما كنت أظن أن الشيطان أخزاه الله يبلغ منك هذا المبلغ المفضح المهتك، المهلك لصاحبه في الدنيا والآخرة، ولا أنك تمكنه من قيادك مع ما آتاك الله وفضلك به على كثير من الناس، حتى أنزلك منازل الكافرين والفاسقين."
....قال الله تعالى (
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون، ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا) الآية [ الزخرف: 33 ].
...فوجم الملك عند ذلك وبكى
وقال: جزاك الله خيرا، وأكثر في المسلمين مثلك.
**************
وقد قحط في بعض السنين فأمره الملك أن يستسقي للناس، فلما جاءت القاضي منذر البلوطي  الرسالة مع البريد من الأمير بصلاة الاستسقاء.
 قال للرسول: كيف تركت الملك ؟
فقال: تركته أخشع ما يكون وأكثره دعاء وتضرعا.
فقال القاضي: سقيتم والله،
يا غلام احمل الممطَرَة معك, إذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء.
ثم قال لغلامه: ناد في الناس
للصلاة
فجاء الناس إلى محل الاستسقاء وجاء القاضي منذر .
فصعد المنبر والناس ينظرون إليه ويسمعون ما يقول، فلما أقبل عليهم كان أول ما خاطبهم به
...قال: (سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) [ الأنعام: 54 ].
ثم أعادها مرارا فأخذ الناس في البكاء والنحيب والتوبة والإنابة،

فقال يهتف بالناس ' ": يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ" .

 فهيج الخلق على البكاء . فلم يزالوا كذلك حتى سقوا ورجعوا وهم  يخوضون الماء.
**************
واقول:-
*أصلح الله أمرائنا وملوكنا. ولكن إذا أردنا صلاحهم وجب علينا إصلاح نفوسنا أولا . فلو لم يكن لدينا شجاعة لنصح السلطان كيف ستستقيم أمور الأمة.
*النفاق في الدين هو أسوء أنواع النفاق لأنه فساد للدنيا وإفساد للناس  وتكالب أعداء الدين عليه, وسقوط هيبة رجال الدين من نظر العوام.
* من انتسب إلى الكريم لم يخشَ الفاقة، ومن انتمى إلى العزيز لم يرضَ الذلَّة، ومن وثق بالحكيم لم يبد له اعتراضاً، ومن آمن بالعادل لم يخف من الظالمين، ومن لجأ إلى القويِّ القهار، لم يخشَ صولة الطاغية الجبَّار.

ليست هناك تعليقات: