الجمعة، يوليو 15، 2011

يا ابن آدم، عَمَلَكَ، عَمَلَكَ، فإنما هو لحمك ودمك



جاء في "تهذيب الكمال و" حلية الأولياء"  في ترجمة الإمام القدوة سيد التابعين وأحد الزهاد المعروفين الحسن بن أبي الحسن أبي سعيد البصري – رحمه الله – ما نصه:
«حدثنا عبد المؤمن بن عبيد الله، عن الحسن قال: يا ابن آدم، عَمَلَكَ، عَمَلَكَ، فإنما هو لحمك ودمك، فانظر على أي حال تلقى عملك، إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخيلاء، وبذل المعروف، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وسعة الخلق فيما يقرب إلى الله.
يا ابن آدم، إنك ناظر إلى عملك يوزن خيره وشره، فلا تحقرن من الخير شيئًا وإن هو صغر، فإنك إذا رأيته سرك مكانه، ولا تحقرن من الشر شيئًا، فإنك إذا رأيته ساءك مكانه، فرحم الله رجلاً كسب طيبًا، وأنفق قصدًا، وقدم فضلاً ليوم فقره وفاقته، هيهات، هَيهات، ذهبت الدنيا بحالتي مآلها، وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم، أنتم تسوقون الناس، والساعة تسوقكم، وقد أسرع بخياركم، فماذا تنتظرون؟ المعاينة فكأن قد، إنه لا كتاب بعد كتابكم، ولا نبي بعد نبيكم.
يا ابن آدم، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعًا، ولا تبيعن آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعًا».
..........................................................................
العالم الإمام، شيخ الإسلام، أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري.
نشأ بالمدينة النبوية، وحفظ كتاب الله تعالى في خلافة عثمان، ولما كبر لازم الجهاد والعلم والعمل.
وكان من أفراد الفرسان الشجعان الذين دوّخوا الكفار بأطراف خراسان، وهو من بحور العلم، وحفّاظ الحديث، عديم النظير، مليح التذكير، بليغ الموعظة.
روى عن خلق منهم عثمان، وأنس بن مالك، وجندب البجلي، وسمرة بن جندب الفزاري، وعبد الرحمان بن سمرة القرشي، وعمرو بن تغلب، ومعقل بن يسار، وأبو بكرة الثقفي، رضي الله عنهم.
وسئل مرة أنس بن مالك عن مسألة فقال: سلوا عنها مولانا الحسن، فإنه سمع وسمعنا، فحفظ ونسينا.
وكان في جملة من يدعو له عمر بن الخطاب، قال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس.
قال قتادة: ما جالستُ فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن عليه
وقال بكر المزني: من سرّه أن ينظر إلى أعلم عالم أدركناه في زمانه فلينظر إلى الحسن؛ فما أدركنا الذي هو أعلم منه.
وقال حميد الطويل ويونس بن عبيد: رأينا الفقهاء، فما رأينا أحدا أكمل مروءة من الحسن.
وقال الربيع بن أنس: اختلفتُ إلى الحسن عشر سنين، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك.
وقال ابن سعد: كان الحسن جامعا عالما رفيعا، ثقة حجة مأمونا، عابدا ناسكا، كثير العلم، فصيحا جميلا وسِيما.
وقال أبو حاتم بن حبان البُستي: رأى الحسن عشرين ومئة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من علماء التابعين بالقرآن والفقه والأدب، وكان من عبّاد أهل البصرة وزهّادهم
قال أهل التاريخ: مات الحسن عن ثمان و ثمانين سنة، عام عشر ومائة، في رجب منها، بينه وبين محمد بن سيرين مائة يوم

ليست هناك تعليقات: