الخميس، أكتوبر 11، 2012

لو سلك الناس وادياً و سلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار


لما أصاب رسول الله الغنائم يوم حنين ، وقسم للمتألفين من قريش وسائر 

العرب ما قسم ، ولم يكن في الأنصار شيء منها ، قليل ولا كثير 

فقال قائل الأنصار : ألا ! إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد لقي قومه .

 فانطلق سعد بن عبادة فدخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال :

" يا رسول الله ! الأنصار قد وجدوا في أنفسهم مما رأوك صنعت في هذه العطايا "

 قال : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟

 قال : ما أنا إلا رجل من قومي!

 قال : فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة ،

فخرج سعد فنادى في قومه : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمركم أن

 تجتمعوا في هذه الحظيرة .

.... فقاموا سراعاً و قام سعد على باب الحظيرة فلم يدخلها إلا رجل من الأنصار و قد رد 

أناساً

 ثم أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : هذه الأنصار قد اجتمعت لك .

 فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال :_


" يا معشر الأنصار ! ما مقالة بلغتني عنكم ؟ أكثرتم فيها ! ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله ؟ ألم تكونوا 

عالة فأغناكم الله ؟ ألم تكونوا أعداء فألف الله بينكم ؟"

 قالوا : بلى ،

 قال :" أفلا تجيبوني ؟ "

قالوا : إليك المن و الفضل ،

 قال :" أما و الله لو شئتم لقلتم و صدقتم : جئتنا طريداً فآويناك ، و مخذولاً فنصرناك ، و عائلاً فآسيناك ، 

و مكذباً فصدقناك !.

 أوجدتم في أنفسكم من لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً أسلموا و و كلتكم إلى إيمانكم 
.
 أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة و البعير و تذهبون برسول الله إلى رحالكم ! .

فالذي نفس محمد بيده ! لو سلك الناس وادياً و سلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار . و 

لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، إن الأنصار كرشي و عيتبي .

 اللهم اغفر للأنصار و أبناء الأنصار و لأبناء أبنائهم ! "

فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم .

و قالوا : رضينا بالله و برسوله حظاً و قسماً و نصيباً ! ثم تفرق الأنصار .


************
هاشم الرفاعي –وصية لاجئ



أنا يا بُنيَّ غدا سيطوينـي الغسـق
لم يبق من ظل الحياة سوى رمـق
وحطام قلب عاش مشبـوبَ القلـق
قد أشرق المصباح يومـا واحتـرق
جفَّـت بـه آمالـه حتـى اختنـق
..
فإذا نفضت غبار قبري عـن يـدك
ومضيت تلتمس الطريق إلى غـدك
..
فاذكر وصية والد تحـت التـراب
سلبـوه آمـال الكهولـة والشبـاب
* * *
مأساتنـا مأسـاة ناس أبريـاء
وحكاية يغلـي بأسطرهـا الشقـاء
حملت إلى الآفـاق رائحـة الدمـاء
و جريمتي كانت محاولة البقاء
أنا ما اعتديت ولا ادخرتك لاعتداء
..
لكـن لـثـأر نبـعـه دام هـنـا
بين الضلوع جعلتـه كـل المنـى
..
وصبغت أحلامي به فوق الهضـاب
وظمئت عمري ثم مت بلا شـراب
* * *
كانت لنـا دار وكـان لنـا وطـن
ألقت بـه أيـدي الخيانـة للمحـن
وبذلـت فـي إنقـاذه أغلـى ثمـن
بيدي دفنت أخـاك فيه بـلا كفـن
إلا الدماء ومـا ألـم بـي الوهـن
..
إن كنت يوما قـد سكبـت الأدمعـا
فلأننـي حمِّلـت فقدهـمـا مـعـا
..
جرحان في جنبي ثكـل واغتـراب
ولد أُضِيع وبلـدة رهـن العـذاب
* * *
تلك الربوع هناك قد عرفتك طفـلا
يجني السنا والزهر حين يجوب حقلا
فاضت عليك رياضها ماء وظـلا
واليوم قد دهمت لك الأحداث أهـلا
ومروجك الخضراء تحني الهام ذلا
..
هم أخرجوك فعد إلى من أخرجـوك
فهناك أرض كان يزرعهـا أبـوك
..
قد ذقت من أثمارها الشهـدَ المـذاب
فـإلامَ تتركهـا لألسنـة الحـراب
* * *
حيفا تئن أما سمعـت أنيـن حيفـا
وشممت عن بعد شذى الليمون صيفا
تبكي إذا لمحت وراء الأفْـق طيفـا
سألته عن يوم الخلاص متى وكيفـا
هي لا تريدك أن تعيش العمر ضيفا
..
فوراءك الأرض التي غذت صباك
وتود يوما فـي شبابـك أن تـراك
..
لم تنسها إيـاك اهـوال المصـاب
ترنو ولكن مـلء نظرتهـا عتـاب
* * *
إن جئتها يوما وفي يـدك السـلاح
وطلعت بين ربوعها مثل الصبـاح
فاهتف سلي سمع الروابي والبطـاح
أنِّي أنا الأمس الذي ضمََدَ الجـراح
لبيك يا وطني العزيـز المستبـاح
..
أولستَ تذكرنـي أنـا ذاك الغـلام
من أحرقوا مأواه في جنـح الظـلام
..
بلهيب نار حولها رقـص الذئـاب
لفَّت صبـاه بالدخـان وبالضبـاب
* * *
سيحدثونك يـا بُنـيَّ عـن السـلام
إياك أن تصغي إلـى هـذا الكـلام
كالطفل يخدع بالمنـى حتـى ينـام
لا سِلمَ أو يجلو عن الوجه الرغـام
صدقتهـم يومـا فآوتنـي الخيـام
..
وغدا طعامي من نـوال المحسنيـن
يلقى إلي .. إلى الجيـاع اللاجئيـن
..
فسلامهـم مكـر وأمنهـمُ سـراب
نشر الدمار على بلادك والخـراب
* * *
لا تبكينَّ فما بكـت عيـن الجنـاة
هي قصة الطغيان من فجر الحيـاة
فارجع إلى بلد كنوز أبـي حصـاه
قد كنت أرجو أن أموت على ثـراه
أمل ذوى ما كان لـي أمـل سـواه
..
فإذا نفضت غبار قبري عـن يـدك
ومضيت تلتمس الطريق إلى غـدك
..
فاذكر وصية والد تحـت التـراب
سلبـوه آمـال الكهولـة والشبـاب

                                                                      ************
معجزة القمح_ الاستاذ محمد راتب النابلسي





************ 
من تصويري